للوهلة الأولي لا تملك وأنت تقرأ خبر اختيار أمريكي من أصل سوداني ليحمل علم أمريكا في افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في بكين إلا أن تعترف بعظمة أمريكا وقوتها وتقديرها للإنسان بغض النظر عن عرقه ولونه لكن حينما تتملي في حيثيات الخبر تجد أن أقوي دولة في العالم قامت بتسييس حفل الألعاب الاولمبية وإرسال رسالة مباشرة إلي الصين مستضيفة الألعاب أن القوة العظمي لن تسمح للنمر الآسيوي المنطلق بقوة نحو العالمية باللعب في الملعب الخلفي لواشنطن بما يمكن أن يهدد مصالحها.
وفد الولايات المتحدة الأمريكية اختار شاباً من ضحايا أعمال العنف في إقليم دارفور السوداني ليمثل أمريكا في حفل الافتتاح لتأكيد المواقف الأمريكية المنتقدة للسياسة الخارجية الصينية حيال الموقف من السودان وتحديدا حيال الوضع في دارفور حيث المواقف الصينية في مجلس الأمن الدولي لا تأتي كما تحب وتشتهي واشنطن وهو اختيار مسيس بكل ما تعنيه الكلمة من معني.
قضية المواطن السوداني لومونغ الذي قالت وكالة الأنباء الفرنسية في خبر لها انه خطف من عائلته علي يد ميليشيا الجنجويد واحتجز كرهينة قبل أن يهرب مع فتية آخرين وينجح في عبور الحدود إلي كينيا ثم لينقل إلي مخيم للاجئين ويعمل هناك لسنوات ليؤمن عيشه. قبل أن تتبناه عائلة أمريكية وتمنحه الجنسية الأمريكية، ليتمكن من المشاركة في سباق الجري 1500 متر في أولمبياد بكين خير دليل علي تدخل السياسة في الرياضة وأسلوب أمريكي متبع للضغط والتأثير لتمرير السياسات التي تجد فيها الخرطوم كما يجد فيها العالم العربي سياسات معادية.
في المدي المنظور لن تؤثر الرسائل الأمريكية المباشرة وغير المباشرة علي النمر الآسيوي الصيني الذي يرتبط بعلاقات وثيقة بالسودان فهو أحد أهم زبائن الخرطوم نفطيا وأحد أهم المستثمرين هناك. وحديث المصالح يتقدم دائما في العلاقات الدولية.
من حق المواطن الأمريكي من أصل سوداني أن يفخر بموطنه الجديد الذي منحه شرف حمل علم بلاده في أشهر منتدي رياضي عالمي فهو نال فرصة يحسده عليها الكثيرين.. لكن المهم ألا تستغل قضيته وتستغل حماسته ومشاعره في حرب المصالح بين بكين وواشنطن فيدفع وطنه السابق الذي هرب منه ثمن صراع الأفيال علي النفط وعلي الاستثمارات وعلي النفوذ فيكتشف انه مجرد أداة جري استغلالها غلفت بغلاف جميل.