من علامات الساعة التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم : فتح بيت المقدس، وتطهيره من الدنس الذي أحدثه كفار أهل الكتاب وغيرهم. مما يدل على ارتباطه الوثيق بأخويه.
فعن بن مالك رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، وهو في قبة أدم فقال: (أعدد ستاً بين يدي الساعة، موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم، ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطاً، ثم فتنةٌ لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، ثم هدنةٌ تكون بينكم وبين بني الأصفر، فيغدرون، فيأتونكم تحت ثمانين غايةً[راية] تحت كل غاية اثنا عشرألفاً) الحديث رواه البخاري[1].
وقوله صلى الله عليه وسلم
ثم فتح بيت المقدس.. ) دلالة على أن حصوله إنما يكون يفيد الترتيب، وقد ذكره النبي المصطفى الكريم صلى الله عليه وسلم بعد وفاته (.. موتي، ثم فتح بيت المقدس...) وكان كذلك.
صورة للمسجد الأقصى في بيت المقدس
فقد فتح بيت المقدس في زمن أمير المؤمنين، عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، ثم استولى عليه الصليبيون، فاسترده صلاح الدين الأيوبي رحمه الله تعالى، وبعد موته رده بعضُ أولاده إلى النصارى الصليبين، حتى استرده حفيده داود الملك الناصر رحمه الله تعالى، حتى قال بعض الشعراء يهنيء داود:
المسجد الأقصى له عادة سارت فصارت مثلاً سائراً
إذا غدا بالكفر مستوطناً أن يبعث الله له ناصــراً
فناصرٌ طهّـره أولاً وناصـرٌ طهـره آخـراً
وبقي بأيدي المسلمين، حتى استولى عليه اليهود، بمعاونة الكفار الحاقدين، عام (1387هـ ) في حرب الأيام الستة المعروفة. أسأل الله تعالى أن يبعث الناصر الثالث ليطهره مرة أخرى.
وأسأل الله له ناصراً يعيده ثالثة مطهراً
ومنها فتح مصر:
لقد أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فتح مصر، وقد ذكر صلى الله عليه وسلم علامة للصحابي الذي روى الحديث، فوقعت كما أخبر، لذا خرج من مصر، كما طلب منه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فعن أبي ذرٍّ الغفاريّ رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إنكم ستفتحون أرضاً يذكر فيها القيراط، فاستوصوا بأهلها خيراً، فإن لهم ذمّةً ورحماً، فإذا رأيتم رجلين يقتتلان في موضع لبنة، فأخرج منها).
قال : فمر بربيعة وعبد الرحمن ابني شرحبيل بن حسنة، يتنازعان في موضع لبنة، فخرج منها.
وفي رواية عنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إنكم ستفتحون مصرّ، وهي أرضٌ يسمى فيها القيراط، فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها، فإن لهم ذمّةً ورحماً، أو قال: ذمّةً وصهراً ـ فإذا رأيت رجلين يختصمان فيها في موضع لبنة فأخرج منها).
قال : فرأيت عبدّ الرحمن بن شُرحبيل بن حسنة وأخاه ربيعة، يختصمان في موضع لبنة، فخرجت منها . رواهما مسلم[2].
فالرحم: هو كون هاجر أم إسماعيل عليه السلام منهم.
والصهر:هو كون مارية أم إبراهيم بن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
صورة للمسجد الأزهر في القاهرة
لكن الملفت للنظر هو إخباره صلى الله عليه وسلم عن تلكم العلامة، وهي اختصام اثنين في موضع لبنة فيها، وتحقق ذلك، بعد فتحها، فكانت سبباً في خروج أبي ذرٍّ رضي الله عنه من مصر. ولا غرابة في ذلك، فهو صلى الله عليه وسلم لا ينطلق عن الهوى، إنما هو الوحي الذي يوحى إليه، وهذا من علامات نبوته صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي .
أما وجه الإعجاز:هو إخباره صلى الله عليه وسلم عن أمور وحوادث تحدث بعد وفاته وحدثت كما أخبر تماماً.
[IMG][لا يسمح للزوار بمشاهدة الروابط. اضغط هنـا للتسجيل...][/IMG]
المرجع:
كتاب مختصر أشراط الساعة تأليف الأستاذ الدكتور خليل إبراهيم ملّا خاطر العّزامي أستاذ الحديث وعلومه بجامعة طيبة بالمدينة المنورة
[1] صحيح البخاري : كتاب الجزية: باب ما يحذر من الغدر.