بدت عملية تبديل الجنسية وتمثيل اللاعبين لدول جديدة غير دولهم الأصلية أكثر وضوحا خلال دورة الألعاب الأولمبية المنعقدة حاليا في العاصمة الصينية بكين أكثر مما كانت عليه الحال في الدورات السابقة.
كما يبدو أن مثل هذه الظاهرة قد غدت تشكل مصدر قلق واضح في أوساط الهيئات الرياضية الدولية، القضية التي يتناولها بمزيد من التفصيل والإيضاح أليكس كابستيك، مراسل بي بي سي للشؤون الرياضية، في التقرير التالي:
لقد أخفقت الأمريكية بيكي هامون بالمشاركة في فريق بلادها لكرة السلة للسيدات في دورة أولمبياد بكين، لذا فقد قررت اللجوء إلى خيار آخر، ألا وهو تمثيل روسيا.
يقوم الرياضيون بتغيير جنسياتهم لعدة أسباب، فقد يكون لدى البعض أجداد في بلدان أخرى، إلا أن البعض الآخر يلجأ إلى مثل هذا الخيار لمجرد السعي وراء المال.
مشاركة ودوافع
أما الدافع وراء اختيار هامون لتمثيل روسيا فكان مجرد أن تتمكن من أن تشارك في أولمبياد بكين.
تقول هامون: "هذا هو الباب الذي كان مفتوحا أمامي. إنها الفرصة التي لا تأتي سوى مرة واحدة في العمر."
هذا هو الباب الذي كان مفتوحا أمامي. إنها الفرصة التي لا تأتي سوى مرة واحدة في العمر
بيكي هامون، لاعبة سلة أمريكية تلعب لصالح روسيا
وتضيف قائلة: "تدرون أنه كان بإمكاني العودة إلى بلادي والجلوس في أريكتي ومشاهدة الأولمبياد من على شاشة التلفزيون مثلي مثل أي شخص آخر. أما الخيار الثاني الذي كان متاحا أمامي، فهو القدوم إلى هنا والمشاركة في الحدث."
وتردف قائلة بقولها: "لذا، فالقرار بالنسبة لي هو في غاية البساطة، وذلك عندما تنظر إليه في مثل ذلك السياق وتلك الظروف."
"سخرية واستهزاء"
هذا ولا تعتقد هامون أنها تنظر بعين الاستخفاف والسخرية والاستهزاء إلى الأولمبياد، فهي تعتقد بأن هدف هذه الألعاب هو جمع أفضل رياضيي العالم مع بعضهم البعض، وبالتالي فليس من المهم النظر إلى موئلهم أو إلى البلد الذي ينتمون إليه في الأصل.
إلا أن مدرب الفريق الأمريكي لكرة السلة وصف قرار هامون باللعب لصالح روسيا بأنه "عصي على الفهم والاستيعاب."
لكن هامون تعلق على تصريحات المدرب تلك واصفة إياها بأنها "نفاقية."
وتضيف: "حسنا، أعتقد أنك في حال أجريت دراسة، فستجد أن مئات الرياضيين قد فعلوا ذلك من قبل، لكني أعتقد بأني أول لاعبة تلفت الانتباه إلى مثل هذه الظاهرة."
أمريكا ليست استثناء قرار بيكي هامون عصي على الفهم والاستيعاب
مدرب فريق الولايات المتحدة لكرة السلة
وتتابع قولها: "لقد سبق لأمريكا أن أقدمت على فعل مثل هذا الأمر، إذ فازت بالعديد من الميداليات عبر لاعبين مولودين في الخارج."
وحتى هنا في دورة أولمبياد بكين، يمكن أن تفوز الولايات المتحدة بالمزيد من الميداليات من خلال العدد الكبير من رياضييها المولودين في الخارج.
فالمشاركون الأمريكيون الثلاثة في سباق ألعاب القوى للمنافسة على سباق مسافة 1500 متر رجال هم ممن غيروا جوازات سفرهم.
فهاهو الرياضي برنارد لاقات سبق له أن فاز بميداليتين فضية وبرونزية في دورات سابقة للألمبياد حين كان مرتديا قميص بلاده الأصلية كينيا.
رد الدَّين
أما الآن، وقد أصبح مواطنا أمريكيا منذ العام الماضي، فقد بات يعتقد بأنه آن الأوان لرد ما بزمته من دَين للبلاد التي اختارها أن تكون موئلا له: أي الولايات المتحدة.
في حال أخذ مسرب الفيضان ينفتح، فهو بوضوح سيسيء إلى المبادئ العامة والشاملة للأولمبياد. وحينذا، فأنا متأكد، من أننا سنبدأ بالنظر بالأمر برمته، وإن كنت لا أعتقد أننا قد بلغنا مثل تلك المرحلة بعد
جريك ريدي، عضو بارز في اللجنة الأولمبية الدولية
يقول لاقات معقبا على الموضوع: "إن الأمر بالنسبة لفتى صغير من كينيا هو بمثابة الحلم الذي لطالما عشعش في الخيال وها أنا أراه يتحقق أخيرا أما ناظري، وهذا الحلم لم يتحول إلى حقيقة بفضل جهودي بمفردي."
ويضيف لاقات قائلا: "فالأمر يبدأ بالمدرب الذي أرسلني إلى الولايات المتحدة، إلى المدرب الذي حظيت به من ولاية واشنطن، إلى المنحة التي سددها لي دافعو الضرائب الأمريكيين، أي الأموال الأمريكية، إلى ....، فأنا أحاول أن أُعيد إلى إذ أمريكا ما منحتنيه منذ أمد بعيد."
وبغض النظر عن دوافعهم، فإن العدد المتزايد من الرياضيين الذين يبدلون ولاءهم قد أصبح مصدر قلق للقائمين على شؤون الرياضة في العالم.
العرب وتغيير الجنسية
وقد جعل الاتحاد الدولي لألعاب القوى الأمر أكثر مشقة بالنسبة للدول العربية أن تشتري عدائيين عالميين من القارة الأفريقية.
فوفقا لجريك ريدي، وهو عضو بارز في اللجنة الأولمبية الدولية، فإن حوالي 25 رياضيا ممن يشاركون حاليا في دورة أولمبياد بكين كانوا قد غيروا جنسياتهم خلال الإعداد للدورة بغية التمكن من المشاركة في فعالياتها.
يقول ريدي إن كبار المسؤولين في اللجنة الأولمبية الدولية والقائمين على الألعاب الأولمبية يراقبون الوضع الآن عن كثب.
ويضيف قائلا: "نعم، في حال تطور مثل هذا التوجه واتسع نطاقه، فإن اللجنة الأولمبية الدولية ستنظر بالأمر."
توازن وفرص أنا لا أدري ما هو إحساس الأشخاص الآخرين في بلدي والذين قد تعتريهم مشاعر مختلطة عندما يرون العلم الأمريكي يرتفع بدلا من العلم الكيني
برنارد لاقات، رياضي كيني يلعب حاليا لصالح الولايات المتحدة
ويردف بالقول: "أظن أن القوانين والقواعد تسير حاليا على مايرام، فأنا أعتقد أنه إذا ما أخذنا بالحسبان عامل التوازن، فنحن نود أن يشارك الرياضيون بالألعاب الأولمبية بدل أن نحرمهم من هكذا فرصة."
ويمضي إلى القول: "في حال أخذ مسرب الفيضان ينفتح، فهو بوضوح سيسيء إلى المبادئ العامة والشاملة للأولمبياد. وحينذا، فأنا متأكد، من أننا سنبدأ بالنظر بالأمر برمته، وإن كنت لا أعتقد أننا قد بلغنا مثل تلك المرحلة بعد."
ويمر الرياضيون الذي يغيرون جنسياتهم بمشاعر وأحاسسيس مختلفة، فقد قامت هامون بترديد النشيد الوطني الأمريكي في الوقت الذي كانت تمثل فيه روسيا بمواجهة الفريق الأمريكي في إحدى الدورات الرياضية مؤخرا.
لا شرخ
أما بالنسبة للكيني لاقات، فهو لا يشعر البتة بأن لديه أي شرخ في الولاءات، إذ يقول: "أشعر بالفخر الشديد عندما يُعزف النشيد الوطني الأمريكي."
لكنه يقول إنه كان ينتابه نفس الشعور عندما كان يُعزف النشيد الوطني الكيني، "إذ كنت حينها مائة بالمائة في كينيا."
يقول لاقات إنه لا يشعر البتة بأن لديه أي شرخ في الولاءات
ويردف قائلا: "إن ولائي هو للبلاد التي أمثلها الآن، ألا وهي الولايات المتحدة."
ويضيف بقوله: "أنا لا أدري ما هو إحساس الأشخاص الآخرين في بلدي والذين قد تعتريهم مشاعر مختلطة عندما يرون العلم الأمريكي يرتفع بدلا من العلم الكيني."
حماس أخف
وليس كل من بدل جواز سفره يتقبل جنسيته الجديدة بمثل هذا الحماس الذي يبديه لاقات.
فمعظم رياضيي دول شرق أفريقيا، الذين يتقبلون استلام الشيكات بمبالغ مالية طائلة لتمثيل دول الخليج، ما يزالون يعيشون في نفس الدول التي وُلدوا وترعرعوا فيها. وهم قد جنوا مكاسب مالية كبيرة من خلال عملية تغيير جوازات سفرهم.
ويبقى القول إنه بينما تسمح القوانين الحالية بمثل هذه الممارسة (تغيير الجنسية)، فإنه من الصعوبة بمكان توجيه اللوم للرياضيين لمجرد إقدامهم على مثل هذا الأمر.