أي مراقب للعلاقات التركية العربية في السنوات الأخيرة سيلاحظ تقدماً ملموساً في هذه العلاقات، رغم رغبة تركيا في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وبالأمس وصلت إلى البحرين شحنة تقدر بـ 16 ألف طن من الحديد التركي إلى البحرين، وهناك عشرون ألف طن قادمة في الطريق لتعويض حاجة السوق البحريني من هذه المادة الأساسية اللازمة في مشاريع البناء والصناعات التحويلية، وهذا يعكس العلاقات المتقدمة بين البحرين وتركيا، حيث شهدت زيارات متبادلة بين القيادة السياسية كان آخرها زيارة جلالة الملك المفدى لتركيا، وسبقتها زيارة سمو رئيس الوزراء لأنقرة واسطنبول. وعلى الصعيد السياسي تحركت تركيا لتلعب دور الوسيط في مفاوضات مباشرة بين سوريا وإسرائيل، وهذه خطوة عسيرة التحقق في أزمة الشرق الأوسط، وتكاد المفاوضات تدخل صلب المشكلة، وهي الانسحاب
الإسرائيلي من الجولان والتمهيد لعملية السلام بين البلدين، وإذا حدث ذلك تكون تركيا قد نجحت ليس في إحداث عملية السلام، بل وكذلك في الاقتراب أكثر من العالم العربي. ولكن تركيا تريد أيضاً أن تقول للعالم العربي: «إننا نساندكم بقدر ما تساندوننا«.. ولذلك فانها لم تتردد لحظة في إرسال الجيش التركي إلى الجبال العراقية لضرب تجمعات ومعسكرات حزب العمال الكردستاني، حينما قام بعمليات عسكرية ضد تركيا مؤخراً. وقد انعكس التقدم في العلاقات السياسية والاقتصادية بين تركيا والعواصم العربية على الجانب الثقافي والفني أيضاً، وتعلق الشارع العربي والخليجي مؤخراً بمتابعة مسلسلي «نور« «وسنوات الضياع« التركيين، اللذين أثارا جدلاً كبيراً بين المتشددين من رجال الدين والمستنيرين، وهذا الاكتساح الكبير لشعبية أبطال المسلسلات التركية لا يعود فقط إلى كونها مدبلجة باللهجة السورية (العربية)، ولكن أيضاً إلى أن الحياة الاجتماعية والعاطفية والأسرية في قصص المسلسلات التركية قريبة جدا من اجواء وثقافة المجتمع العربي. بل حتى على الصعيد الغنائي والموسيقي، وجدنا مؤخراً القنوات الموسيقية العربية مثل «مزيكا« و«ملودي« وغيرهما تبث اغاني تركية على محطاتها الموسيقية، واستعانت المغنية اللبنانية «رولا سعد« بالممثل التركي «مهند« في فيديو كليب غنائي لها مقابل 120 ألف دولار أمريكي! مما يعني ان البضاعة التركية قد تكون رخيصة في صفقات الحديد، لكن حين يصل الأمر إلى «مهند« و«نور« فان الأسعار التركية تبقى عالية!