(مهند) و(نور) وإنتخابات مجالس المحافظات

* إنتهى الفصل التشريعي لمجلس النواب، ولم يمرر قانون إنتخابات مجالس المحافظات، والعقدة ليست في كركوك، بل تحولت كركوك الى قميص عثمان، للذين لم يكونوا على إستعداد لخوض الإنتخابات في المحافظات الاخرى، ولاسيما في الانبار حيث قوى الصحوة كانت ستسحب البساط من تحت اقدام القوى الحالية، وفي الموصل حيث البعثيون استعدوا وبلباس جديد لإكتساح مقاعد مجلس المحافظة، وفي صلاح الدين لم يكن وضع القوى السياسية الحالية بأفضل من حالهم في الانبار والموصل، فجاءت مشكلة كركوك لتنقذهم من النتائج المتوقعة التي كان من الممكن ان يحصلوا عليها في هذه المحافظات.
* بعض القوى الاخرى التي كانت متحمسة عند تشريع قانون المحافظات غير المنتظمة في اقليم رقم 21 لسنة 2008 بان لا يتجاوز موعد الإنتخابات لمجالس المحافظات 1/10/2008، بل وطالبت بتقديم هذا الموعد، كانت مطمئنة في مخيلتها بانها ستكتسح مقاعد مجالس محافظات الجنوب والوسط وتزيح القوى الرئيسية الحالية في هذه المجالس، إلا ان "صولة الفرسان" في البصرة والعمارة والعمليات العسكرية الاخرى في النجف والمحافظات الاخرى في الجنوب والوسط أظهرت بلا ادنى شك، إن الشعبية التي كانت تتغنى بها هذه القوى وتتعكز عليها لإكتساح مجالس المحافظات قد تغيرت مع تلاشي الخوف الذي صنعه هؤلاء في نفوس المواطنين العزل، فبعد زوال الخوف الذي صنع الشعبية المزيفة لهذه القوى، ظهرت صورة "نور" و"مهند" بطلا المسلسل التركي على واجهات المحال والدكاكين، بدلا من صور زعمائهم المحليين الذين كانوا يجبرون السكان على تعليق صورهم. فكان لابد ان تأخذ هذه القوى من موضوع إنتخابات كركوك فرصة لتصفية حساباتها مع القوى الاخرى المنافسة والتي كانت مصرة على إجراء الإنتخابات، فوقفت بالمرصاد امام كل محاولات الامم المتحدة للخروج من مشكلة إنتخابات كركوك، لانها كانت تدرك جيدا، انه في حال إجراء الإنتخابات فانها الخاسر الاكبر في الجنوب والوسط في اجواء يرفع الشباب والشابات صور "نور" و"مهند" بدلا من صور زعمائهم المحليين، فكانت عقدة كركوك الوسيلة التي اتبعوها لتحقيق غاياتهم في تأجيل إنتخابات مجالس المحافظات.
* للأسف وقعت القوى العربية والتركمانية في كركوك تحت تأثير هذه القوى التي جعلت من مشكلة كركوك شماعة لتأجيل إنتخابات عموم محافظات العراق لانها تعرف مسبقا بانها الخاسر الاكبر في الإنتخابات المحلية. ووقعت القوى العربية والتركمانية في كركوك تحت تأثير قوى اخرى لم تكن تمتلك اي حلول، بل كانت تترقب نتائج مبادرات الامم المتحدة، وعندما كانت تشعر بان بوادر الحلول قد بانت، فكانت تقتنص اية فرصة للصيد في الماء العكر وقد نجحت فعلا في ذلك، عندما افسدت المبادرة التي خرجت الامم المتحدة بها لترحيل إنتخابات كركوك الى شهر ديسمبر 2009 في اللحظات الاخيرة من اليوم الاخير لعمل مجلس النواب.
* اروقة مجلس النواب هادئة وليس فيها ضجيج، او رائحة المؤامرات وهمسات اللحظات الاخيرة لإفساد نتائج المفاوضات الماراثونية بين الفرقاء السياسيين حول الإنتخابات المحلية، لكن الاجواء لم تتغير، ولا اعتقد بان شهرا من الراحة سيغير خارطة النتائج المتوقعة لأي إنتخابات في الرمادي والموصل وصلاح الدين إلا في حالة نجاح المحاولات الداخلية والخارجية لجمع القوى الجديدة القوية في هذه المحافظات مع القوى القديمة ضمن قائمة واحدة. ولا يوجد في الافق ما يشير الى اي تغيير في نتائج اي إنتخابات اذا ما جرت في المحافظات الجنوبية والوسط وصور "نور" و"مهند" معلقة على واجهات المحال والدكاكين، ورغم التغيير الطفيف في العدد (127) وهو العدد الذي كاد ان يقود الإنقلاب الدستوري في 22/تموز، إلا ان هذا العدد او ما يقاربه سيبذل كل شيء لتهب عاصفة اخرى لا تقل عن تلك التي عصفت بإنتخابات مجالس محافظات العراق بالرجوع كل مرة الى عقدة كركوك ونار حقل بترولها الازلي (بابا كركر) ليحرقوا بها اخضر ويابس الإنتخابات معا.
الاتحاد