استحوذ المسلسل التركي المدبلج «نور» على عقول ومشاعر الغزيين، وبات يفرض نظاماً شبيهاً بمنع التجوال مع حلول الساعة العاشرة مساءً، بينما تشهد صور «نور ومهند» بطلي المسلسل المطبوعة على القمصان القطنية، رواجاً بين المواطنين.
دفع تعلق النساء بالمسلسل التركي «نور» وبطلة «مهند»، الكثير من الأزواج الى حلف يمين الطلاق على زوجاتهم لمنعهن من متابعته، بينما تلقى بعضهن التعنيف والتوبيخ. وتقول سناء في الثلاثينيات من عمرها لـ«الجريدة»، «تبدأ المشاكل بيني وبين زوجي مع الساعة العاشرة، لزيادة طلباته المتعمدة حتى لا أتمكن من متابعة المسلسل»، مشيرة الى أنها لا تستطيع ذكر اسم «مهند» أمام زوجها، خشية من التوبيخ، وغيرته غير المبررة، على حد تعبيرها.
ورغم أن المسلسل التركي يوجد فيه بعض العادات والتقاليد التي تتناقض مع المفاهيم الاجتماعية في غزة، إلا أن حال الكبت والحرمان التي تعيشها زيجات وصبايا غزة، لانشغال الرجال بهموم لقمة العيش، أدى الى تعلقهن بالمسلسل.
وتقول المهندسة حنان التي تعمل في إحدى المنظمات الدولية لـ«الجريدة»، «لا أحب استقبال الضيوف في وقت مسلسل نور، وأحاول إنهاء مشاغلي المنزلية قبل وقت عرضه لأتفرغ لمتابعة أحداثه»، مشيرة الى أنها وزوجها يتابعان معا المسلسل من دون حساسية.
وأوضحت حنان، أن قصة المسلسل رائعة إذ تحاكي العلاقات الرومانسية بين الأزواج، ومضت تقول، «يمكن للأزواج أن يستخلصوا العبر من المسلسل وتعلق زوجاتهم به، وتحسين علاقاتهم بالكلمات والمعاملة الرطبة».
شخص وسيم
وقد أشعل المسلسل البيوت الغزية نارا بين الأزواج، لتعلق الزوجات ببطله «مهند»، وهو شخص وسيم وجميل ويتسم بالرجولة في ذات الوقت. ووصف ماهر في الأربعينيات من عمره المسلسل بـ«السخيف»، وتابع قائلا، «لقد كسرت جوال زوجتي بالحائط بعد أن طلبت منها تحضير العشاء، وطلبت تأجيله لبعد انتهاء مسلسل نور».
أما صاحب مكتبة يعلق صورة «مهند» على واجهة بابه الزجاجية، فقد شهد صفعة قوية وجهها عريس لخطيبته بعد أن ألحت عليه شراء صورة لـ«مهند» لتعليقها بغرفتها، وسحبها للخروج من المحل على الفور.
وتتصدر صور «مهند» التي تباع في المحلات، جدران غرف الكثير من الصبايا، بينما يفضل الأطفال علاقات المفاتيح التي تحمل صور «مهند ونور». ويقول البائع نادر الذي يعلق قمصان قطنية مطبوع عليها صور «نور ومهند»، على واجهة محله في شارع الجلاء بغزة، «أن هناك طلبا على تلك القمصان خصوصا بين الصبايا»، موضحا أن سعر القميص يبلغ 20 شيكلا (6 دولارات).
شائعات
وتدافع فتيات غزة عن شخص مهند، من الشائعات التي تناقلتها بعض وسائل الإعلام ووصفته بـ«الشاذ»، إذ اعتبرت الطالبة سهير، تلك الشائعات محاولة للقضاء على مستقبله، بعد أن توج ملكا من دون أية استطلاعات للرأي، على حد تعبيرها. وتحلم سهير، بشخص وسيم مثل مهند، يتقدم لخطبتها، مشيرة الى ولعها بالرومانسية التي يتمتع بها المسلسل.
ولم يقتصر متابعو المسلسل على الكبار فقط، فقد تعلق الأطفال أيضا بشخصيات المسلسل وتأثروا بأحداثه، إذ قالت الطفله شهد 11 عاما لـ«الجريدة»، «أكثر مشهد تأثرت به حينما رفضت نور إبلاغ مهند بأنها حامل»، وتضيف الطفلة بعصبية، «كنت أود الدخول للتلفاز لأخنقها»، حسب تعبيرها.
وقال محمد اسماعيل اختصاصي اجتماعي لـ«الجريدة»، إن مسلسل نور ألقى بظلاله على المجتمع الغزي، لاسيما الفتيات اللواتي يحلمن بوسامة مهند، محذرا في ذات الوقت، من المشاكل الاجتماعية التي قد تنجم عن محاولة الفتيات البحث عن هذا النموذج.
الخميس 14 أغسطس - 19:22