كان كل شي مثاليا في المسبح الأولمبي في بكين، فالمكان يعج بالأبطال من دول العالم المختلفة ومنهم بطل تونس والعرب الملولي الذي اذهل العالم بفوزه بأول لقب أولمبي عربي في الدورة عندما أحرز الميدالية الذهبية في مسابقة 1500 م.
لكن في نفس المكان كانت أسطورة رياضية تنسج خيوطها يوما بعد يوم وإنجازا بعد آخر لبطل في مسابقات السباحة الأولمبية. بطل رسم ملامح إنجازه الفذ بقوة لمعان معدن الذهب الذي وشح صدره. لقد أنذهل العالم بأسره بقدرة رياضي واحد على اعتلاء منصة الذهب الأولمبي ثماني مرات خلال ست أيام فقط.
رغم أن مايكل فيلبس كان بطلا أولمبيا معروفا في السباحة حيث سبق له أن حقق واحدا من افضل الإنجازات في تاريخ السباحة في الألعاب الأولمبية بإحرازه 6 ميداليات ذهبية في دورة أثينا 2004. ولا يتفوق عليه في الإنجاز سوى ابن بلده السباح مارك سبيتز في دورة ميونيخ عام 1972 عندما أحرز 7 ميداليات ذهبية وليصبح أسطورة أولمبية لسنوات طويلة.
أن إنجاز فيلبس في دورة الألعاب الأولمبية في بكين 2008 بإحراز 8 ميداليات ذهبية في دورة أولمبية واحدة حدث لا يشابهه حدث آخر سوى ما حققه البطل الأولمبي الروسي الكسندر دييتاتن في دورة الألعاب الأولمبية التي جرت في موسكو عام 1980، عندما حصد 8 ميداليات ذهبية في مسابقة الجمباز.
خلال ستة أيام اشغل فيلبس العالم بإنجازاته الرياضية المتواصلة. ففي موقع فيسبوك الإلكتروني ازداد عدد أصدقاء البطل الأولمبي خلال يومين من 120 الف صديق الى 795 ألفا والعدد يتضاعف كل يوم. حتى أن وكالات الأنباء العاملة ذكرت أن إنجازه بعدد الميداليات تجاوز إنجاز 160 دولة مجتمعة.
مايكل فيلبس حقق لنفسه وبلده أعجازا رياضيا بفوزه ب14 ميدالية ذهبية أولمبية، ثمان منها في دورة بكين التي تجري أحداثها ألان و6 ميداليات ذهبية في دورة الألعاب الأولمبية في أثينا 2004. فمن هو مايكل فيلبس؟ انه ابن ال23 ربيعا والقادم من مدينة بولتيمور الأميركية وصاحب الابتسامة المتواضعة والسلوك المتزن رغم تعرضه لضغوطات الشهرة والمتابعة المستمرة من عدسات المصورين ومحطات التلفزة العالمية. لقد تابع العالم هذا البطل وهو في قمة الإنجاز وكم كان سعيدا وطبيعيا في سلوكه، تابعناه عندما انهمرت الدموع من عينيه عرفانا بالفضل وهو يحتضن أمه ''ديبي'' وشقيقتيه بفرح وسعادة غامرة في المسبح الأولمبي بعد إنجازه المذهل في سباق التتابع. أم البطل الأولمبي قالت للصحفيين المحلقين حولها في المسبح الأولمبي ''بعد سنوات من الجهد والتدريب الطويل تمكن مايكل من تحقيق هدفه في أولمبياد بكين انا في سعادة غامرة''. المحلل الرياضي في الموقع الإلكتروني''ياهو سبورت'' تشارلز روبنسون كتب موضوعا تناول فيه تاريخ مايكل الرياضي الحافل بالإنجازات الفريدة ومنها: -في عمر 11 سنة أخذته أمه الى مدرب السباحة في المدرسة '' بوب يومان'' الذي قال لها بعد الاختبار''أن ما يكل لديه القابلية ليكون بطلا عظيما'' في وقتها اعتقدت الام أن المدرب بالغ في مدح الولد ولم تأخذ كلامه محمل الجد ألا في وقت لاحق -سجل عام 2007 أربع أرقام قياسية عالمية في السباحة وفاز بسبعة ميداليات ذهبية في بطولة العالم بالسباحة. -ففي عام 2003 تم تكريمه كواحد من افضل عشرة سباحين في الولايات المتحدة - هو السباح الوحيد الذي أحرز خمسة ألقاب وطنية في بطولة واحدة كما انه حصل على ثلاثة ألقاب وطنية في ثلاثة أنواع من السباحة في بطولة واحدة.
- هو الأصغر عمرا بين السباحين الذكور الاميركان المشاركين في الدورات الأولمبية منذ عام 1932 .
-هو الأصغر عمرا بين السباحين الذكور الأميران المشاركين في البطولات الوطنية بعمر(15 سن وتسعة اشهر) وحطم الرقم القياسي الوطني وقتها في مسابقة 200 م. فراشة أخيرا يقول الكاتب روبنسون ''أن اعظم ما حققه مايكل فيلبس من إنجاز هو ليس فقط عدد الميداليات الأربع عشرة لبلده بل السعادة الكبيرة التي منحها لنفسه وأهله والآخرين''.
في مثل هذا الحضور والإنجاز الفريد لمايكل فيلبس في دورة بكين 2008 ليس لدينا ألا نحتفل ببطلنا التونسي العربي الملولي بأشراقته البهية وحضوره الرياضي الرائع في الدورة وإلأنجاز المميز للمغربية بنحسي بفوزها بالميدالية البرونزية في مسابقة العدو 800م.
أن إنجازات الأبطال العرب على قلتها تثبت من جديد أن تحويل الحلم الى حقيقة ممكن إذا توفرت الإرادة والتخطيط العلمي وامتلكنا مفاتيح المعرفة في التدريب الرياضي.